ورحل عاشق الأرض
بقلم: زايد صالح خنيفس
رحل العم أبو هشام علي مجذوب خوالد شهيد لقمة العيش، وآخر ما شاهده في الثواني الأخيرة أرضه التي عشقها وأحبها، وسَرَت أتلام الأرض بمشاعره وأحاسيسه... أيام وساعات من الانتظار تائهة بين الأمل والحزن واليأس والتسليم بقضاء الله، هنا على ضفاف وادي الملك وطواحين الدروز وطواحين الأهل ستبقى مشاهد الانتماء والنخوة والحمية ومشاعر الانسانية ومواقف الرجال نحو الرجال حاضرة في الأذهان.
وقف على طرفَي الشارع العشرات، ركنوا سيارتهم واندفعوا نحو النهر الذي رسم طريقه من سنين غابرة في أراضي الأهل اتيا من هناك من تلال صفورية، ومن عيونٍ في باطن الارض ومن سواقي تعرف أسراب الغيوم، ومن الجسر إلى بيارات خضراء تمتد فيها أسراب شجر اللوز
جموع الناس ينظرون نحو الوادي لعل أبو هشام يطل بقامته بملابس الفلاح ولفحة حمراء غطت عنقه، ويصيح أنا هنا باق في أرضي التي نامت بعقلي وحلمي. مشاهد اللهفة أرخت ظلالها في الروابي والتفاف النهر، شاهدتكم يا أسراب الإنسانية تفتشون بأيديكم وعيونكم عن الذي خانته رجليه فسقط في الوادي..
شكرا لكم أصحاب النخوة شكرا لمن بحث بعينه في امتداد النهر... شكرا لإنسانية الإنسان والخير الذي مازال ساكنا في الناس.. شكرا لمن حرك قصف الشجيرات لعله يعثر على وجه فلاح غادر الأرض فجأة... شكرا لمن أحضر جرافة وتعطل عن عمله ليعيد الفرح لعائلة فقدت عزيزا وغادر الدار في عز المطر وهدير النهر.
قرية رأس علي ستبقين أجمل بقاع الدنيا وجمال تلالك والنهر الذي رسم بأرضك سينام طويلا في مشاعر وقلوب أعزة رحلوا على أبوابك وتلالك. لك الرحمة يا شهيد لقمة العيش... يا عاشق الارض ولونها الأحمر، الأحجار لن تنسى يدي فلاحٍ سبق العصافير، والندى ما زال يُرطِّب حاكورته في أسفل الوادي.