الشارع الشفاعمري '' مش جاهز '' 26/2/2024 10:12
الشارع الشفاعمري '' مش جاهز ''
عايشة عباسي
لقد إعتدنا على سماع عبارة :
'' تحقق ما كان بالأمسِ حلماً ''
أما اليوم نلمسها ونشعرها بل ونراها على أرض الواقع :
تحطم ما كان بالأمسِ حلماً وطارت شظاياه لتكون سبباً في فقدان البصيرة قبل البصر ، ولم يتحقق من ذلك الحلم الا الوصول الى مآرب شخصية وقطعة أثاث تقف على اربع أرجل واهية .
تشتت وتبعثر ما كان بالأمسِ القريب حُلماً يراود الكثير من أبناء هذا المجتمع المتعطش لثورة ، لصحوة حقيقية تنتشله من ظُلمات الحالة المُزرية التي آلت اليه البلد وتمنح الجيل القادم دوراً فعالا ً وتُدخله من الهامش الى عُمق الصفحة ليمارس حقه في رسم خطوط مستقبله بشكل افضل ، كل ذلك بذريعة بائسة ، ضحلة خالية من أي مغزى ، وقلما ترددت على مسامعنا جملة عقيمة مبتورة المعالم والمعاني :
'' الشارع مش جاهز ''
عن أي جهوزية تتكلمون ؟؟؟؟
اذا لم تكن قادراً على إحراز الهدف لا تدخل الى الملعب .
اذا لم تكن قادرا على زراعة الأمل قبل العمل ، اترك الارض لمحبيها وزارعيها .
'' الشارع مش جاهز '' لنبذ العنصرية والطائفية ... مش جاهز لتحالف القوى الوطنية .. مش جاهز للتغيير ... مش جاهز لقيادة شبابية ...
( لشو جاهز ؟؟؟؟؟؟؟)
من العيب بل من العار على بلد ، أي بلد ، أي مدينة تحتل مكانة مرموقة أكاديمياً ، رياضياً ، اجتماعياً وسياسياً أن تتلحف بعباءة بالية نُسجت خيوطها من أفكار معاقة عاف عليها الزمن ، وتتسربل بأسمال العنصرية والطائفية ولا ننسى العائلية الحمائلية .
من العار كل العار أن نتربى ونترعرع في أحضان أحزاب وطنية نتغنى ونترنم بنظرياتها على الدوام وبكل مناسبة نعتلي المنابر بخطاباتها وأناشيدها والتي بُنيت أُسسها على مبدأ الانسانية وعدم التفرقة العنصرية أو العرقية إنما كانت تلك الأحزاب تعتبر وتنظر للانسان كونه انساناً ولم يكن في نماذج الانتساب اليها بنداً ينص او يحتم على المنتسب لون او جنس او عرق او طائفة ، لم تكن حمولته او عائلته مرجعا لقبوله .
تلك الأحزاب تأسست من أجل نُصرة المظلوم وتحصيل لكل ذي حق حقه وبالاساس دعم البلد ، كل البلد وتطويرها دون استثناء حي او طائفة او '' شارع '' .
الأسف كل الأسف على هؤلاء الشباب ، قادة المستقبل أن تشدهم الفئوية الصغيرة والمصالح الضيقة الى الحضيض وأن يجاروا في تعاملهم واعلانهم وتوجههم الى الجمهور أصحاب العقول المريضة والمتسلقة ليصبحوا نسخة مستحدثة منهم للوصول لأهداف تحمل في طياتها كل شيء ما عدا مصلحة البلد .
وكما قال ابو تمام :
'' اذا جاريتَ في خُلُق دنيئاً
فأنت ومَن تُجاريه سواءُ ''
المؤسف بل المُخجل جداً أن هذا هو حال الجميع الا من رحم ربي .
نحارب كل تلك الظواهر السلبية على منصات التواصل الاجتماعي وفي مناسباتنا السعيدة والحزينة ونستنكر وجودها ولكن في نهاية المطاف وفي خضم ترويجاتنا الدعائية وتوجهاتنا الجميع يعود ليتقوقع داخل خيمة الجاهلية ونعود خلال ايام بل ساعات الى عصر الظُلمات ، نعود الى العائلة والطائفة ونسحق كل النظريات تحت أقدام الأنا المتغطرس في داخلنا من أجل الوصول .
المشكلة لا تكمن بالنظرية بل في طمس معالمها تحت رواسب المصالح الشخصية ، الوصولية والانتهازية . وفي لحظة قصيرة اقصر من طرفة عين ننسى او نتناسى الحفاظ على النسيج الاجتماعي واللُحمة والتآخي ونحطم لوحة الفسيفساء التي طالما تغنى بها كل من اعتلى المنبر والقى خطابه على الجمهور .
ونحن في العام 2024 والشارع ما زال ينتظر .
|